الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

شهادة الاناجيل على نفي الوهية المسيح

شهادة الأناجيل على بطلان ألوهية المسيح

[ Jn:17:1 ]-[ تكلم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء وقال ايها الآب قد أتت الساعة.مجد ابنك ليمجدك ابنك ايضا ]
[ Jn:17:2 ]-[ اذ اعطيته سلطانا على كل جسد ليعطي حياة ابدية لكل من اعطيته. ]
[ Jn:17:3 ]-[ وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته. ]
 
إذا كان النصارى يقولون أن الله قد تجسد في جسد المسيح يسوع ، فمن هو الإله الذي كان يخاطبه يسوع ؟
(( ويسوع المسيح الذي أرسلته )) ، ألا تدل تلك الكلمات على أن يسوع المسيح هو رسول تم إرساله من قبل الله ؟
لقد شهد المسيح أن الحياة الأبدية هي شهادة أن لا إله إلا الله وأن يسوع رسول الله وهو عين ما يؤمن به المسلمون جميعاً
وحيث أن الحياة الأبدية حسب قول المسيح هي التوحيد الحقيقي فيكون التثليث الحقيقي هو الموت الأبدي والضلال
أولاً : أنه يوجد إله حقيقي واحد وأن يسوع لا يعرف شيئاً عن التثليث أو الاقانيم بقوله : ( أنت الإله الحقيقي وحدك )
ثانياً : وأن يسوع المسيح لم يدع الالوهية لأنه أشار إلى الإله الحقيقي بقوله : ( أنت الإله الحقيقي ) لا إلى ذاته
ثالثاً : لقد شهد يسوع المسيح بأنه رسول الله فحسب بقوله :( ويسوع المسيح الذي أرسلته )
إن المسيح لم يقل : (( إن الحياة الأبدية أن يعرفوكم أنكم ثلاثة أقانيم وأنكم جميعاً واحد ))
وإن المسيح لم يقل : (( إن الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله المكون من ثلاثة أقانيم الآب والابن والروح القدس و انتم جميعا واحد ))
بل لقد شهد المسيح أن الحياة الأبدية هي شهادة أن لا إله إلا الله وأن يسوع رسول الله





[ Lk:4:16 ]-[ وجاء الى الناصرة حيث كان قد تربى.ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ. ]
[ Lk:4:17 ]-[ فدفع اليه سفر اشعياء النبي.ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبا فيه ]
[ Lk:4:18 ]-[ روح الرب عليّ لانه مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للمأسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية ]


عزيزي القارىء إذا كانت هذه النبوءة التي جاءت على لسان النبي إشعياء هي نبوءة عن المسيح فإنها تقول ( روح الرب علي ) أي وحي الله وأنه لم يقل روح الرب هي ذاتي أو أقنومي أو جزئي أو نفسي وقد وورد في الكتاب المقدس أن روح الرب حلت على ألداد وميداد وعلى صموئيل و حزقيال

[ Nm:11:26 ]-[ وبقي رجلان في المحلّة اسم الواحد ألداد واسم الآخر ميداد فحلّ عليهما الروح.وكانا من المكتوبين لكنهما لم يخرجا الى الخيمة.فتنبّآ في المحلّة. ]
[ Sm1:10:6 ]-[ فيحل عليك روح الرب فتتنبأ معهم وتتحول الى رجل آخر. ]
[ Ez:11:5 ]-[ وحلّ عليّ روح الرب وقال لي قل.هكذا قال الرب.هكذا قلتم يا بيت اسرائيل وما يخطر ببالكم قد علمته. ]

ثم ان قوله ( أرسلني لأنادي للمأسورين بالاطلاق . . . ) هو دليل على انه نبي مرسل وليس هو الرب النازل إلي البشر تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً

وهذا نص واضـــح آخر على ان المسيح رسول مرسل من الله ليس إلا ومهمته التى أرسل لها هى التبشير وأن الله لم يأت بنفسه جل جلاله !!

[ Lk:4:42 ]-[ ولما صار النهار خرج وذهب الى موضع خلاء وكان الجموع يفتشون عليه فجاءوا اليه وامسكوه لئلا يذهب عنهم. ]
[ Lk:4:43 ]-[ فقال لهم انه يبنغي لي ان ابشر المدن الأخر ايضا بملكوت الله لاني لهذا قد أرسلت. ]

أيها القارىء الكريم أن هذا لدليل صريح على بشرية المسيح وأنه عبد رسول ليس إلا ، فإنه بعد أن أحيا هذا الميت استطاع جميع الحاضرين أن يفرقوا بين الله وبين المسيح فمجدوا الله وشهدوا للمسيح بالنبوة وشكروا الله إذ أرسل في بني اسرائيل نبياً ، ويسمون انفسهم شعب الله إذ أن الله ( تفقده ) أي اهتم به ، وأرسل فيهم نبياً جديداً وتأمل عزيزي القارىء لقول الانجيل : (( قد قام فينا نبي عظيم وتفقد الله شعبه )) وتأمل كيف أن المسيح أقرهم على هذا القول ولم ينكره عليهم وكيف ذاع ذلك في كل مكان .
[ Lk:7:14 ]-[ ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون.فقال ايها الشاب لك اقول قم. ]
[ Lk:7:15 ]-[ فجلس الميت وابتدأ يتكلم فدفعه الى امه. ]
[ Lk:7:16 ]-[ فاخذ الجميع خوف ومجدوا الله قائلين قد قام فينا نبي عظيم وافتقد الله شعبه. ]
[ Lk:7:17 ]-[ وخرج هذا الخبر عنه في كل اليهودية وفي جميع الكورة المحيطة ]

وإذا قرأنا رواية لوقا [ 7 : 39 ] نجده يذكر أن الفريسي بعدما رأى المرأة تبكي وتمسح قدمي المسيح بشعرها قال في نفسه

[ Lk:7:39 ]-[ فلما رأى الفريسي الذي دعاه ذلك تكلم في نفسه قائلا لو كان هذا نبيا لعلم من هذه المرأة التي تلمسه وما هي.انها خاطئة. ]

فإن قول الفريسي هذا يدل على أنه داخله الشك في نبوة المسيح ، وهذه الرواية تثبت بالبداهة أن المسيح عليه السلام كان معروفاً بالنبوة ومشتهراً بها ، ويدعيها لنفسه ، لأن الفريسي داخله الشك فيما هو معروف له والمشهور بادعائه ، وإلا لكان قال : لو كان هذا هو الله لعرف من هي هذه المرأة التي تلمسه . وهذا أمر ظاهر عند كل من لديه مسحة عقل من المسيحيين .

وهنا أود أن أسرد إليك أيها القارىء الكريم الأدلة الدامغة من الاناجيل التي تثبت أن المسيح عليه السلام لم يكن معروفاً إلا بالنبوة ، وسيتضح من هذه الادلة أن المسيح والمؤمنين به وأعدائه اتفقت كلمتهم على صفة النبوة إثباتاً له من نفسه والمؤمنين به أو إنكاراً له من جانب أعدائه .

أولاً : ورد بإنجيل لوقا [ 24 : 19 ] : أن تلميذين من تلاميذ المسيح وصفوه بالنبوه وهو يخاطبهم ولم ينكر عليهم هذا الوصف فكانا يقولان

[ Lk:24:19 ]-[ فقال لهما وما هي.فقالا المختصة بيسوع الناصري الذي كان انسانا نبيا مقتدرا في الفعل والقول امام الله وجميع الشعب. ]

ثانياً : ورد بإنجيل يوحنا [ 9 : 17 ] قول الرجل الاعمى

[ Jn:9:17 ]-[ قالوا ايضا للاعمى ماذا تقول انت عنه من حيث انه فتح عينيك.فقال انه نبي. ]

ثالثا : وفي رسالة أعمال الرسل [ 3 : 22 ] حمل بطرس قول موسى عليه السلام الوارد في العهد القديم عن المسيح قوله

[ Acts:3:22 ]-[ فان موسى قال للآباء ان نبيا مثلي سيقيم لكم الرب الهكم من اخوتكم.له تسمعون في كل ما يكلمكم به. ]

فموسى عليه السلام صرح بأن الله سبحانه وتعالى سيقيم لهم نبياً ولم يقل سينزل لهم الرب

رابعا : ورد بإنجيل متى [ 21 : 10 ، 11 ] ان المسيح لما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها وسألت من هذا ؟ فكانت الاجابة من الجموع الغفيرة من المؤمنين والتلاميذ الذين دخلوا مع المسيح مدينة القدس هي : ((هذا يسوع النبـي من ناصرة الجليل ))
[ Mt:21:10 ]-[ ولما دخل اورشليم ارتجّت المدينة كلها قائلة من هذا. ]
[ Mt:21:11 ]-[ فقالت الجموع هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل ]

كل الجموع تسأل ، وكل المؤمنين يجيبون وعلى رأسهم تلاميذ المسيح قائلين ( هذا يسوع النبي )
فهل هناك أعظم من هذه الشهادة التي شهد بها كل المؤمنين وسمع بها الجموع الغفيرة في أورشليم ؟! وتفرق الجمع بعد ذلك على معرفة هذه الحقيقة وهي أن المسيح نبي كريم وليس إلهاً .

خامساً : ورد بإنجيل يوحنا [ 6 : 14 ] ان الناس الذين رأوا معجزة تكثير الطعام التي صنعها المسيح فآمنوا بها قالوا : (( إن هذا هو بالحقيقة النبــي الآتي إلى العالم )) فأقرهم المسيح ولم ينكر عليهم وصفهم له بالنبوة وكانوا جمع كثير بنحو 5 آلاف رجل فدل هذا على أن المسيح لم يدع الألوهية ولم يكن يعرف عن ألوهيته المزعومة شيئاً .

[ Jn:6:10 ]-[ فقال يسوع اجعلوا الناس يتكئون.وكان في المكان عشب كثير.فاتكأ الرجال وعددهم نحو خمسة آلاف. ]
[ Jn:6:11 ]-[ واخذ يسوع الارغفة وشكر ووزع على التلاميذ والتلاميذ اعطوا المتكئين.وكذلك من السمكتين بقدر ما شاءوا. ]
[ Jn:6:12 ]-[ فلما شبعوا قال لتلاميذه اجمعوا الكسر الفاضلة لكي لا يضيع شيء. ]
[ Jn:6:13 ]-[ فجمعوا وملأوا اثنتي عشرة قفة من الكسر من خمسة ارغفة الشعير التي فضلت عن الآكلين. ]
[ Jn:6:14 ]-[ فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا ان هذا هو بالحقيقة النبي الآتي الى العالم. ]

سادساً : جاء في إنجيل متى [ 13 : 57 ] ان المسيح لما رأى أهل الناصرة يحاربونه وينكرون معجزاته رد عليهم قائلاً : (( ليس نبي بلاكرامة إلا في وطنه وفي بيته )) فالمسيح أيها القارىء الكريم لم يقل لهم أني إله وانما قال لهم فقط إنني نبي ولا كرامة لنبي في بلده ، فالألوهية لم تكن تخطر ببال المسيح عليه السلام مطلقاً .

[ Mt:13:54 ]-[ ولما جاء الى وطنه كان يعلمهم في مجمعهم حتى بهتوا وقالوا من اين لهذا هذه الحكمة والقوات. ]
[ Mt:13:55 ]-[ أليس هذا ابن النجار.أليست امه تدعى مريم واخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا. ]
[ Mt:13:56 ]-[ أوليست اخواته جميعهنّ عندنا فمن اين لهذا هذه كلها. ]
[ Mt:13:57 ]-[ فكانوا يعثرون به.واما يسوع فقال لهم ليس نبي بلا كرامة الا في وطنه وفي بيته. ]
[ Mt:13:58 ]-[ ولم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم ايمانهم ]

سابعا : وفي انجيل لوقا [ 13 : 33 ] يتكلم المسيح وهو يعرض نفسه قائلا : (( لا يمكن أن يهلك نبي خارجاً عن أورشليم))

[ Lk:13:31 ]-[ في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له اخرج واذهب من ههنا لان هيرودس يريد ان يقتلك. ]
[ Lk:13:32 ]-[ فقال لهم امضوا وقولوا لهذا الثعلب ها انا اخرج شياطين واشفي اليوم وغدا وفي اليوم الثالث اكمل. ]
[ Lk:13:33 ]-[ بل ينبغي ان اسير اليوم وغدا وما يليه لانه لا يمكن ان يهلك نبي خارج عن اورشليم. ]

فهذا إقرار من المسيح عليه السلام بأنه نبي من جملة الأنبياء وليس للأنبياء كلهم إلا طبيعة واحدة وهي الطبيعة الآدمية فتأمل .

ثامناً : ونستنتج من كلام أعداء المسيح النافي لنبوة المسيح الوارد في يوحنا [ 7 : 52 ] أن المسيح كان مشتهراً بالنبوة ولم يدع الالوهية لذلك فهم ينفون نبوته قائلين : (( إنه لم يقم نبـي من الجليل ))

[ Jn:7:52 ]-[ اجابوا وقالوا له ألعلك انت ايضا من الجليل.فتّش وانظر.انه لم يقم نبي من الجليل. ]

وخلاصة ما تقدم من أدلة :

إنه إذا كان المؤمنون بالمسيح وأعدائه والمسيح نفسه كلامهم لا يتعدى نبوة المسيح إثباتاً ونفياً فهل يجوز لأحد بعد ذلك أن يرفض تلك الأقوال جميعها في صراحتها ويذهب إلى القول بأنه إله؟

(( ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )) ( مريم :35 )

جاء في إنجيل متى في الاصحاح الخامس قول المسيح

[ Mt:5:17 ]-[ لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او الانبياء.ما جئت لانقض بل لاكمّل. ]

أيها القارىء الكريم :

ان هذا لهو نص واضح لكل ذي عينين بأن المسيح رسول قد مضت من قبله الرسل وأنه واحد ممن سبقوه ، وليس رباً أو إلهاً ، وانه ما جاء إلا ليعمل بالشريعة التي سبقته وهي شريعة موسى ويكمل ما بناه الانبياء قبله ولو كان المسيح هو رب العالمين حسبما يؤمن المسيحيون ما كان ليصح بتاتاً أن يقول لهم : (( ما جئت لأنقض بل لأكمل )) فلا شك أن المسيح حلقة في سلسلة الانبياء والمرسلين وليس هو رب العالمين كما يعتقد المسيحيون .

وقد جاءت نصوص واضحة الدلالة على أن المسيح عليه السلام عندما كان يدعو تلاميذه، ويعلمهم لم يكن يدعوهم إلا على أنه رسول من الله سبحانه وتعالى وانه كان يدعوهم إلى توحيد الله، وعبادته ، انظر إلى قوله في يوحنا في [12 : 49 ]

[ Jn:12:49 ]-[ لاني لم اتكلم من نفسي لكن الآب الذي ارسلني هو اعطاني وصية ماذا اقول وبماذا اتكلم. ]
[ Jn:12:50 ]-[ وانا اعلم ان وصيته هي حياة ابدية.فما اتكلم انا به فكما قال لي الآب هكذا اتكلم ]

ونجده يقول للتلاميذ في متى [ 5 : 16 ] :

[ Mt:5:16 ]-[ فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذي في السموات ]

ويقول لهم في انجيل متى [ 7 : 11 ] :

[ Mt:7:11 ]-[ فان كنتم وانتم اشرار تعرفون ان تعطوا اولادكم عطايا جيدة فكم بالحري ابوكم الذي في السموات يهب خيرات للذين يسألونه. ]
ويقول في الفقرة ( 21 ) من نفس الاصحاح :

[ Mt:7:21 ]-[ ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات.بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السموات. ]

ذكر لوقا في [ 22 : 43 ] أن المسيح بعدما وصل وتلامذته الي جبل الزيتون واشتد عليه الحزن والضيق حتى أن عرقه صار يتصبب كقطرات دم نازلة (( ظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يقويه ! ))

[ Lk:22:40 ]-[ ولما صار الى المكان قال لهم صلّوا لكي لا تدخلوا في تجربة. ]
[ Lk:22:41 ]-[ وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلّى ]
[ Lk:22:42 ]-[ قائلا يا ابتاه ان شئت ان تجيز عني هذه الكاس.ولكن لتكن لا ارادتي بل ارادتك. ]
[ Lk:22:43 ]-[ وظهر له ملاك من السماء يقويه. ]

ونحن نسأل :

كيف يحتاج ابن الله المتحد مع الله إلى ملاك من السماء ليقويه ؟
ألستم تزعمون ان للمسيح طبيعة لاهوتية ؟
فهل هذا الملك أقوى مـن الله ؟!!
ومن المعلوم أن الملاك مخلوق وانتم تدعون أن المسيح خالق فكيف يقوي المخلوق خالقه ؟
أين كان لاهوت المسيح ؟!
أما كان الاولى به أن يظهر طبيعته اللاهوتية المزعومة بدلاً من أن يكتئب ويحزن ويشتد عليه الضيق والخوف ويظهر بمظهر الجبناء ؟!!
أم ان الأمر ليس ألوهية ولا أقنومية وأن المسيح هو رسول من رسل الله يحتاج إلى المعونة والمدد من الله ؟

يحدثنا متى في [ 14 : 15 ] عن معجزة إشباع الآلاف من الجياع بخمسة أرغفة وسمكتين فيقول :

[ Mt:14:19 ]-[ فامر الجموع ان يتكئوا على العشب.ثم اخذ الارغفة الخمسة والسمكتين ورفع نظره نحو السماء وبارك وكسر واعطى الارغفة للتلاميذ والتلاميذ للجموع. ]

أيها القارىء الكريم :

لقد قام المسيح برفع نظره نحو السماء قبل أن يقوم بالمعجزة وقبل أن يبارك ، ويحق لنا أن نتسائل :

لماذا رفع المسيح نظره إلى السماء ؟ ولمن يتجه ويطلب إذا كان الآب متحداً به ؟! أم أن المسألة واضحة وهي أنه كان يدعو خالق السموات والأرض ليمنحه القوة على تحقيق المعجزة ؟

وقد تكرر منه هذا الفعل حينما أحيا لعازر ، فإنه ورد بإنجيل يوحنا [ 11 : 41 ] عنه الأتي :

[ Jn:11:41 ]-[ فرفعوا الحجر حيث كان الميت موضوعا ورفع يسوع عينيه الى فوق وقال ايها الآب اشكرك لانك سمعت لي. ]
[ Jn:11:42 ]-[ وانا علمت انك في كل حين تسمع لي.ولكن لاجل هذا الجمع الواقف قلت.ليؤمنوا انك ارسلتني. ]

ن قيام المسيح بأن رفع نظره نحو السماء هو فعل منافي للألوهية لأن هذا الفعل يأتيه الإنسان عادة عندما يطلب الإمداد السماوي من الله وهذا لا يتفق مع كون المسيح صورة الله وان الاب حال فيه كما يزعم المسيحيون .

تأمل أيها القارىء الكريم إلي قول المسيح : (( لأجل الجمع الواقف حولي ليؤمنوا أنك أرسلتني ))
فالهدف من عمل هذه المعجزة هي أن يعلم الجميع أن المسيح رسول الله وقد كانت الجموع حوله تنتظر هذه المعجزة وأن كل ما طلبه المسيح هو أن يشهدوا له بالرسالة فقط .

جاء في مرقس [ 13 : 32 ] أن المسيح بعدما سئل عن موعد الساعة قال :

[ Mk:13:29 ]-[ هكذا انتم ايضا متى رأيتم هذه الاشياء صائرة فاعلموا انه قريب على الابواب. ]
[ Mk:13:30 ]-[ الحق اقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله. ]
[ Mk:13:31 ]-[ السماء والارض تزولان ولكن كلامي لا يزول. ]
[ Mk:13:32 ]-[ واما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما احد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن الا الآب. ]

ونحن نسأل :
إذا كان الإبن هو الاقنوم الثاني من الثالوث حسبما يعتقد المسيحيون فكيف ينفي الابن عن نفسه العلم بموعد الساعة ويثبته للأب فقط ؟!
ولا يصح أن يقال ان هذا من جهة ناسوته لأن النفي جاء عن الابن مطلقاً واثبت العلم بالموعد للأب فقط .
وان تخصيص العلم بموعد الساعة للأب فقط هو دليل على بطلان ألوهية الروح القدس . وأن لا مساواة بين الاقانيم المزعومة .

قال المسيح في يوحنا [ 1 : 51 ] :

[ Jn:1:51 ]-[ وقال له الحق الحق اقول لكم من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الانسان ]

ونحن نسأل :
إذا كان المسيح يصرح بأن ملائكة الله سوف تنزل عليه من السماء بالأوامر الالهية ولتأييده فأين هو اذن الاله خالق الملائكة الذي حل بالمسيح والمتحد معه ؟!!

كتب لوقا في [ 3 : 23 ] ما نصه :

[ Lk:3:23 ]-[ ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي ]

أيها القارىء الكريم :
إن المسيح كما يذكر لوقا لما بدأ دعوته كان عمره ثلاثين سنة والسؤال الذي يطرح نفسه هو أنه إذا كان المسيح هو رب العالمين المتجسد فماذا كان يفعل الإله رب العالمين قبل تلك الفترة وطوال الثلاثين سنة ؟! هل كان يتمشى في شوارع القدس ؟!

كتب متى في [ 3 : 13 ] ما نصه :

[ Mt:3:13 ]-[ حينئذ جاء يسوع من الجليل الى الاردن الى يوحنا ليعتمد منه. ]
[ Mt:3:14 ]-[ ولكن يوحنا منعه قائلا انا محتاج ان اعتمد منك وانت تأتي اليّ. ]
[ Mt:3:15 ]-[ فاجاب يسوع وقال له اسمح الآن.لانه هكذا يليق بنا ان نكمل كل بر.حينئذ سمح له. ]
[ Mt:3:16 ]-[ فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء.واذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه. ]
[ Mt:3:17 ]-[ وصوت من السموات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت ]

من البديهي أنه لو كان المسيح هو الله نفسه الذي تجسد و نزل لعـالم الدنيا ـ كما يدعون ـ لكـانت رســالته مبـتـدئة منذ ولادتـه، و لكان روح القدس ملازما له باعتباره جزء اللاهوت الذي لا يتجزأ ـ كما يدعون ـ، و لما احتاج إلى من ينزل عليه بالوحي أو الرسالة، ولم يكن هناك أي معنى أصلا لابتداء بعثته بهبوط روح القدس عليه و ابتداء هبوط الملائكة صاعدين نازلين بالوحي و الرسائل عندما بلغ الثلاثين من العمر و اعتمد على يد يوحنا النبي! فهذا النص و النصوص الأخرى التي تبين كيفية بدء البعثة النبوية للمسيح، لأكبر و أوضح دليل ـ عند ذوي التجرد و الإنصاف ـ على بشرية المسيح المحضة و عدم ألوهيته و أنه ليس الله المتجسد بل عبدٌ رسولٌ و نبيٌّ مبعوثٌ برسالة من الله كسائر الأنبياء و الرسل و حسب.

و لنستمع إلي ما ذكره لوقا في [ 3 : 21 ] عن بدء بعثة المسيح بنزول روح القدس عليه :

[ Lk:3:21 ]-[ ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع ايضا.واذ كان يصلّي انفتحت السماء ]
[ Lk:3:22 ]-[ ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة وكان صوت من السماء قائلا انت ابني الحبيب بك سررت ]
[ Lk:3:23 ]-[ ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي ]
[ Lk:4:1 ]-[ اما يسوع فرجع من الاردن ممتلئا من الروح القدس وكان يقتاد بالروح في البرية ]

و نحن نسأل أصحاب التثليث : أليس هذا النص أوضح دليل على نفي ألوهية المسيح ونفي التثليث ؟
فأولاً: لو كان المسيح إلـها متجسدا لما احتاج لروح القدس ليهبط عليه !
ثانيا ً: لو كان التثليث حقا لكان المسيح متحدا دائما و أزلا مع روح القدس، لأن الثلاثة واحد فما احتاج أن يهبط عليه كحمامة!
و كيف ينادي الله عند اعتماد المسيح و ابتداء بعثته قائلاً: ( هذا ابني الحبيب )، مع انه من المفروض أن اللاهوت متحد به من البداية و لأن الله لا يمكن أن تنفصل عنه إحدى صفاته .
ثالثاً : أليس ما كتبه متى ولوقا يبطل زعمكم أن الثلاثة واحـد فالروح القدس منفصل عن الذات وهو نازل بين السماء والارض والابن صاعد من الماء!
أليس هذا دليلأ على أن الوحده المزعومة بين الاقانيم لا وجود لها ؟! .

هل المسيح وحده الذي أمتلأ من الروح القدس كما كتب لوقا أم شاركه آخرون مما تنقض معه الخصوصية ؟
الجواب : هناك آخرون امتلأوا من الروح القدس وهم كثيرون طبقاً للآتي :

ورد بسفر أعمال الرسل [ 6 : 5 ] عن استفانوس ما نصه :

[ Acts:6:5 ]-[ فحسن هذا القول امام كل الجمهور فاختاروا استفانوس رجلا مملوّا من الايمان والروح القدس وفيلبس وبروخورس ونيكانور وتيمون وبرميناس ونيقولاوس دخيلا انطاكيا. ]

وورد في إنجيل لوقا [ 1 : 15 ] عن يوحنا المعمدان ما نصه :

[ Lk:1:15 ]-[ لانه يكون عظيما امام الرب وخمرا ومسكرا لا يشرب.ومن بطن امه يمتلئ من الروح القدس. ]

وكذلك امتلأ زكريا والد يوحنا المعمدان من الروح القدس طبقاً لما ذكره لوقا في الأصحاح الثامن وغيرهم مما لا يسع المقام لذكرهم .

جاء في إنجيل متى [ 4 : 6 ] أن الشيطان بعدما أخذ المسيح إلي المدينة المقدسه وأوقفه على حافة سطح الهيكل قال له :

[ Mt:4:6 ]-[ وقال له ان كنت ابن الله فاطرح نفسك الى اسفل.لانه مكتوب انه يوصي ملائكته بك.فعلى اياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك. ]

في هذا النص اقرار من المسيح للشيطان بأنه قد كتب عنه في العهد القديم أن الله يوصي ملائكته به ليحملونه ويحفظونه ونجد ان هذا ثابت بالمزمور الواحد والتسعين .

[ Ps:91:11 ]-[ لانه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك. ]
[ Ps:91:12 ]-[ على الايدي يحملونك لئلا تصدم بحجر رجلك. ]

والسؤال الآن هو :
إذا كان المسيح هو رب العالمين وأن الأب متحد معه وحال فيه فكيف يوصي الله ملائكته به لكي يحفظونه .
فهل رب العالمين الذي ظهر في الجسد بحاجة إلي ملائكة تكون حفظاً وحماية له ؟!!
أليس هذا دليل من الادلة الدالة على فساد معتقد المسيحيين في ألوهية المسيح ابن مريم عليه السلام ؟

جاء في أنجيل مرقس [ 1 : 12 ] : أن المسيح تم اربعين يوماً يجرب من الشيطان يقول النص :

[ Mk:1:12 ]-[ وللوقت اخرجه الروح الى البرية. ]
[ Mk:1:13 ]-[ وكان هناك في البرية اربعين يوما يجرب من الشيطان.وكان مع الوحوش.وصارت الملائكة تخدمه ]

ونحن نقول :
إذا كان المسيح هو رب العالمين حسبما يعتقد المسيحيون فهل يعقل أو يتصور أن الشيطان الرجيم تسلط على رب العالمين طوال اربعين يوماً ؟‍‍‍!!
وقد يقول المسيحيون حسبما يعتقدون في لاهوت وناسوت المسيح بإن الشيطان جربه كإنسان ولم يجربه كإله .
فنقول ان النص الوارد في متى [ 4 : 3 ] يثبت حسب اعتقادكم أن الشيطان جربه كإله ، يقول النص :

[ Mt:4:3 ]-[ فتقدم اليه المجرب وقال له ان كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا. ]

ولم يقل له ان كنت ابن الانسان !

ونقول أيضاً لو إن إبليس كان يقصد ناسوت المسيح فقط لخاطب نصفه ولم يخاطبه كله كما جاء في رواية متى .
وقد كتب متى في [ 4 : 8 ] :
ان إبليس أخذ المسيح إلي قمة جبل عال جداً ، وأراه جميع ممالك العالم ، وقال له :

[ Mt:4:8 ]-[ ثم اخذه ايضا ابليس الى جبل عال جدا واراه جميع ممالك العالم ومجدها. ]
[ Mt:4:9 ]-[ وقال له اعطيك هذه جميعها ان خررت وسجدت لي. ]

ونحن نسأل :
كيف يطمع إبليس في أن يسجد له وأن يخضع له من فيه روح اللاهوت . . . ؟ !
ومن العجب أن الشيطان لا يبقى ويثبت مع وجود الملك ، فكيف يطمع ويثبت فيمن يعتقد ربوبيته و أنه صورة الله ؟
ألا يستحي المسيحيون وهم يقرأون هذا الكلام!! ألا يستحون وهم يعتقدون ان من فيه اللاهوت والربوبية قد صحبه إبليس، وعرض عليه السجود له مقابل أن يملكه الدنيا !


وقد كتب متى في الاصحاح الأول ابتداء من الفقرة الأولى حول تجربة إبليس للمسيح أن إبليس كان يقود المسيح إلي حيث شاء فينقاد له . فتارة يقوده إلي المدينة المقدسة و يوقفه على جناح الهيكل وتارة يأخذه إلي جبل عال جداً . . . ونحن نسأل كيف يمكن لعاقل بعد هذا الكلام أن يقول أن رب العالمين كان في جسد المسيح وكان هذا الجسد بهذه حاله مع ابليس .؟!!

لقد حكمتم يا نصارى بإيمانكم هذا بأن الإله الخالق الحال في الجسد قد سحبه الشيطان ، وردده وجرت عليه أحكامه !

كتب متى في [ 12 : 14 ] ومرقس في [ 3 : 6 ] أن الفريسيين تشاوروا على المسيح لكي يقتلوه ، فلما علم يسوع انصرف من مكانه . . . وكتب يوحنا في [ 11 : 53 ] : أن اليهود لما قرروا قتل المسيح فمن ذلك اليوم لم يعد المسيح يتجول بينهم جهاراً ، بل ذهب إلى مدينة اسمها أفرايم .

[ Mt:12:14 ]-[ فلما خرج الفريسيون تشاوروا عليه لكي يهلكوه. ]
[ Mk:3:6 ]-[ فخرج الفريسيون للوقت مع الهيرودسيين وتشاوروا عليه لكي يهلكوه ]
[ Jn:11:53 ]-[ فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه. ]

ولا يخفى عليك أيها القارىء الكريم من خلال هذين النصين أن انصراف المسيح كان هرباً من اليهود ، وأن رب العالمين حسب اعتقاد المسيحيين كان في جسد المسيح ، فكيف يتصور ويعقل أن رب العالمين كان في جسد وكان هذا الجسد يتجنب اليهود من مدينة إلى مدينة هرباً منهم !!

كيف يمكن لعاقل أن يصور رب العالمين بهذه الصورة ويعبد إلهاُ كانت هذه أحواله مه هذا الجسد ؟!

كتب متى في [26 : 67 ] أن اليهود عذبوا المسيح وبصقوا في وجهه وضربوه وهذا نص ما كتب :

[ Mt:26:67 ]-[ حينئذ بصقوا في وجهه ولكموه.وآخرون لطموه ]
[ Mt:26:68 ]-[ قائلين تنبأ لنا ايها المسيح من ضربك ]

وجاء في إنجيل لوقا في [ 22 : 63 ] :

[ Lk:22:63 ]-[ والرجال الذين كانوا ضابطين يسوع كانوا يستهزئون به وهم يجلدونه. ]
[ Lk:22:64 ]-[ وغطوه وكانوا يضربون وجهه ويسألونه قائلين تنبأ.من هو الذي ضربك. ]

إننا نجد من خلال هذه النصوص أيها القارىء الكريم :

أن اليهود اتخذوا المسيح لعبةً يلعبون بها إهانةً له وتحقيراً لشأنه ، وليت شعري ألم يكن في زمن المسيح من هو ذا شهامة ومروءة ، يدافع عنه ؟
أين كان هؤلاء الألوف الذين حكت عنهم الاناجيل بأنهم آمنوا به ، وشفى كثيراً من أمراضهم المزمنة ، أين تلك الجموع الغفيرة التي خرجت لملاقاته ، حين دخوله أورشليم ، وهو راكب الجحش والأتان معاً !
يح أمة اتخذت نبيها إلهاً ، ووصفته بأنه جبار السموات والارض ، ثم تصفه بالذل و الهوان والضعف والاستسلام لأضعف خلقه ، وهم اليهود ، فأصبح هذا الاله الذي خلق الكون بما فيه وخلق كل البشر أسيرا ومهاناً بأيديهم وأي إهانة أعظم من أن يضرب هذا الاله ؟
فهل ترضى يا مسيحي أن يكون لك رباً كهذا يعامل معاملة المجرمين الخارجين عن القانون على أيدي اليهود ؟
و هل ترضي يا مسيحي أن يكون لك رباً نزل إلى الارض ليدخل في بطن أمه ويتغذى جنيناً تسعة أشهر ويخرج مولوداً ملطخاً بالدماء وتمر عليه سائر أطوار ومستلزمات الطفولة ؟
ثم ان ما حكته الاناجيل أن اليهود عذبوا المسيح فبصقوا في وجهه وضربوه ولكموه وجلدوه هو أمر مناقض لما ذكره متى في [ 4 : 6 ] في حق المسيح من أن الله سبحانه يوصي ملائكته به فيحملونه على أيديهم لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ قَدَمَهَ بِحَجَرٍ .

[ Mt:4:6 ]-[ وقال له ان كنت ابن الله فاطرح نفسك الى اسفل.لانه مكتوب انه يوصي ملائكته بك.فعلى اياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك. ]

ونحن نسـأل :
هل ينزل رب العالمين من عليائه ويحل في جسد بشري و أن هذا الجسد يساق من قبل اليهود ليحاكم ويلاقي أشد أنواع الاهانة والتحقير من ضرب وجلد وبصق واستهزاء كل هذا ورب العالمين مالك الملك في هذا الجسد حسبما يؤمن المسيحيون ؟ !
هل يليق بخالق السموات والارض و من له الكمال المطلق أن تكون هذه حاله ؟ !

سبحانك ربنا لا إله إلا أنت نستغفرك، ونتوب إليك، ونعتذر لك عن كل ما لا يليق بك . . .

جاء في إنجيل متى [ 7 : 11 ] قول المسيح:

[ Mt:7:11 ]-[ فان كنتم وانتم اشرار تعرفون ان تعطوا اولادكم عطايا جيدة فكم بالحري ابوكم الذي في السموات يهب خيرات للذين يسألونه. ]

ويقول المسيح في الفقرة الحادية والعشرين من نفس الاصحاح :

[ Mt:7:21 ]-[ ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات.بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السموات. ]
ويقول أيضاً في [ 12 : 50 ] من إنجيل متى :

[ Mt:12:50 ]-[ لان من يصنع مشيئة ابي الذي في السموات هو اخي واختي وامي ]

وجاء أيضاً في إنجيل متى [ 16 : 17 ] قول المسيح لبطرس :

[ Mt:16:17 ]-[ فاجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا.ان لحما ودما لم يعلن لك لكن ابي الذي في السموات. ]

تأمل عزيزي القارى في كلام المسيح لسمعان فإنه لم يقل له طوبى لك فإنني أنا الذي أعلنت لك هذا أو الآب المتجسد هو أعلن لك هذا وإنما قال له أبي الذي في السموات هو أعلن لك هذا !

أيها القارىء الكريم :
لقد صرح المسيح مراراً وتكراراً بأن الأب موجود في السموات ، والسؤال الذي نوجهه للمسيحين هـو :
كيف يصرح المسيح بأن الأب موجود في السماء مع أنكم تدعون أن الأب متجسد فيه ومتحد معه ؟
فلو كان الأب متحد معه وهو صورة هذا الآب لأمتنع أن يشير إليه في السماء !
وبمعنى آخر لو كان المسيح هو الإله ، لامتنع أن يشير إلى إله آخر في السموات .
وإذا قلتم أن اقنوم الابن يشير إلى اقنوم الأب ، نقول لكم ان هذا يمنع الوحدة ما بين الاقانيم المزعومة ويؤكد انفصالها واستقلالها . .

[ المائدة:73 ]-[  لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ]

كتب يوحنا في [ 20 : 17 ] أن المسيح قال لمريم المجدلية :

[ Jn:20:17 ]-[ قال لها يسوع لا تلمسيني لاني لم اصعد بعد الى ابي.ولكن اذهبي الى اخوتي وقولي لهم اني اصعد الى ابي وابيكم والهي والهكم. ]

ونحن نسأل :
إذا كان المسيح هو صورة الله على الأرض وأن الآب متجسد فيه ، فمن هو يا ترى هذا الإله الذي سوف يصعد إليه المسيح ؟!
إذا قلتم أن اقنوم الإبن سوف يصعد إلى أقنوم الأب فثبت إمتناع الوحدة بين هذه الأقانيم المزعومة وثبت الإنفصال بينها وأنه إله على الأرض وإله في السماء وهذا هو الشرك بأم عينه .

وقد قال المسيح في إنجيل يوحنا [ 14 : 28 ] :

[ Jn:14:28 ]-[ سمعتم اني قلت لكم انا اذهب ثم آتي اليكم.لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لاني قلت امضي الى الآب.لان ابي اعظم مني. ]
وإننا تعجب كيف يكون الأب أعظم من الإبن وهما شيء واحد وجوهر واحد لذات واحدة وقدرة واحدة حسب ما يؤمن به المسيحيون ؟!
فلو كان الابن هو جوهر واحد مع الاب لما فرق الابن بينه وبين الآب .

كتب بولس في الرسالة الأولى لكورنثوس [ 15 : 28 ] ما نصه :

[ Cor1:15:28 ]-[ ومتى اخضع له الكل فحينئذ الابن نفسه ايضا سيخضع للذي اخضع له الكل كي يكون الله الكل في الكل ]

أيها القارىء الكريم :

لقد بين بولس أن المسيح سيخضع في النهاية لله، و هذا بحد ذاته من أوضح الأدلة على عدم ألوهية المسيح لأن الإلـه لا يخضع لأحد، كما أن في قوله : (( فَإِنَّ الابْنَ نَفْسَهُ سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ كُلَّ شَيْءٍ )) دلالة أخرى على عدم ألوهية المسيح لأن مفاد هذا النص أن الله تعالى هو الذي كان قد أخضع للمسيح كل شيء، مما يعني أن المسيح لم يكن يستطع، بذاته و مستقلا عن الله، أن يسخر و يخضع الأشياء. فهل مثل هذا يكون إلـها ؟!!

ومن جهة أخرى :

نقول لأصحاب التثليث لا شك أن الخاضع هو غير المخضوع له ، فأين الوحدة والمساواة بين الاقانيم عندما يخضع الابن للأب ؟!
ثم كيف يخضع الابن للأب مع انكم تدعون أن الاب والابن إله واحد لجوهر واحد وقدرة واحده وان الاب هو عين الابن والابن هو عين الاب وهما شيء واحد أم انكم تؤمنون بتعدد الآلهة وان لله شريكاً في الملك سيخضع له في النهاية ؟

جاء في إنجيل متى [23 : 9 ] ان المسيح قال لأتباعه :

[ Mt:23:9 ]-[ ولا تدعوا لكم ابا على الارض لان اباكم واحد الذي في السموات. ]
[ Mt:23:10 ]-[ ولا تدعوا معلمين لان معلمكم واحد المسيح. ]


من المعروف أنه في لغة الإنجيل، كثيرا ما يعبر عن الله بالآب، و هنا كذلك ، فقول عيسى لأتباعه : (( لا تدعوا لكم أبـا على الأرض لأن أباكم واحد الذي في السماوات )) يعنى ليس لكم إله إلا الله وحده الذي في السماوات، و هذا صريح في نفي ألوهية كل أحد ممن هو على الأرض، و يدخل في هذا النفي المسيح كذلك لكونه على الأرض .لقد سمى المسيح نفسه معلماً في الأرض لهم ، وشهد أن إلههم في السماء واحد .

فهل يفقه المسيحييون هذه النصوص أم على قلوب أقفالها ؟!

كتب متى في [21 : 18 ـ 19] و مرقس [ 11 : 11 ـ 4] ما نصه :

[ Mt:21:18 ]-[ وفي الصبح اذ كان راجعا الى المدينة جاع. ]
[ Mt:21:19 ]-[ فنظر شجرة تين على الطريق وجاء اليها فلم يجد فيها شيئا الا ورقا فقط.فقال لها لا يكون منك ثمر بعد الى الابد.فيبست التينة في الحال. ]

[ Mk:11:12 ]-[ وفي الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع. ]
[ Mk:11:13 ]-[ فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق وجاء لعله يجد فيها شيئا فلما جاء اليها لم يجد شيئا الا ورقا.لانه لم يكن وقت التين. ]
[ Mk:11:14 ]-[ فاجاب يسوع وقال لها لا يأكل احد منك ثمرا بعد الى الابد.وكان تلاميذه يسمعون ]

أيها القارىء الكريم :
ان هذا النص يبين أن المسيح لما رأى الشجرة من بعد، لم يدر و لم يعلم أنها في الواقع غير مثمرة، بل توقع لأول وهلة أن تكون مثمرة، لذلك ذهب باتجاهها، لكن لما اقترب منها ظهر له أنها غير مثمرة فعند ذلك غضب عليها و لعنها!.

و في هذه القصة سنجد عدة دلائل واضحة على نفي لاوهوت يسوع المسيح :

فأولاً : عدم علمه منذ البداية بخلو الشجرة من الثمر يؤكد بشريته المحضة لأن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض و لا في السماء.
وثانياً : كونه جاع تأكيد آخر على أنه بشر محض يحتاج للغذاء للإبقاء على حياته.
فإن قالوا بأنه جاع بحسب ناسوته، قلنا أفلم يكن لاهوته قادرا على إمداد ذلك الناسوت (أي الجسد)؟! خاصة أنكم تدعون أن اللاهوت طبيعة دائمة له و حاضرة لا تنفك عنه!!
وثالثاً: أنه لما وجد الشجرة غير مثمرة لعنها و بقي جائعا! و لو كان إلـها لكان عوضا عن أن يلعنها و يبقى جائعا، يأمرها أمرا تكوينيا أن تخرج ثمرها على الفور، لأن الله لا يعجزه شيء بل يقول للشيء كن فيكون، فكيف يُصْرَفون عن هذه الدلائل الواضحات و الآيات البينات! و هل بعد الحق إلا الضلال؟

كتب يوحنا في [ 10 : 23 ] ما نصه :

[ Jn:10:23 ]-[ وكان يسوع يتمشى في الهيكل في رواق سليمان. ]
[ Jn:10:24 ]-[ فاحتاط به اليهود وقالوا له الى متى تعلّق انفسنا.ان كنت انت المسيح فقل لنا جهرا. ]
[ Jn:10:25 ]-[ اجابهم يسوع اني قلت لكم ولستم تؤمنون.الاعمال التي انا اعملها باسم ابي هي تشهد لي. ]

أيها القارىء الكريم :
تأمل إلي قول اليهود للمسيح : (( إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ حَقّاً، فَقُلْ لنا جهرا )) فانهم لم يقولوا له : إن كنت الله أو أبن الله ، لأنهم لم يعلموا من دعواه ذلك ، ولا اختلاف عند اليهود أن الذي انتظروه هو انسـان نبي مرسل ، ليس بإنسان إله كما يزعمون . فتأمل !

وإذا تأملنا في سؤال يوحنا المعمدان للمسيح عندما أرسل للمسيح من يسأله :

[ Mt:11:2 ]-[ اما يوحنا فلما سمع في السجن باعمال المسيح ارسل اثنين من تلاميذه. ]
[ Mt:11:3 ]-[ وقال له انت هو الآتي ام ننتظر آخر. ]

سنجد أن هذا السؤال من يوحنا المعمدان يدل على ان المسيح نبي مرسل وهو المسيح الذي بشرت به التوراة ، ولا يوجد نص واحـد في التوراة يقول أن الله سيأتي بنفسه إلي الارض . فتأمل .







******************************************


لقد جاء في إنجيل يوحنا [ 10 : 31] نصاً واضحاً يسقط تماماً إدعاء المسيحيين من أن رب العالمين حل في جسد المسيح وذلك عندما قال المسيح لليهود في الفقرة الثلاثين من الاصحاح العاشر ((أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ ! )) أنكر عليه اليهود هذا القول وسارعوا لرجمه بالحجارة ، فعرفهم المسيح وجه خطأهم في الفهم بأن هذه العبارة لا تقتضي ألوهيته وبين لهم أن استعمال اللفظ على سبيل المجاز وليس على حقيقته وإلا لزم منهم أن يكونوا كلهم آلهه !

[ Jn:10:30 ]-[ انا والآب واحد ]

تأمل معي أيها القارىء الكريم في نص المحاورة بين المسيح واليهود بعد أن قال لهم (( أنا والآب واحد )) :

[ Jn:10:31 ]-[ فتناول اليهود ايضا حجارة ليرجموه. ]
[ Jn:10:32 ]-[ اجابهم يسوع اعمالا كثيرة حسنة أريتكم من عند ابي.بسبب اي عمل منها ترجمونني. ]
[ Jn:10:33 ]-[ اجابه اليهود قائلين لسنا نرجمك لاجل عمل حسن بل لاجل تجديف.فانك وانت انسان تجعل نفسك الها. ]
[ Jn:10:34 ]-[ اجابهم يسوع أليس مكتوبا في ناموسكم انا قلت انكم آلهة. ]
[ Jn:10:35 ]-[ ان قال آلهة لاولئك الذين صارت اليهم كلمة الله.ولا يمكن ان ينقض المكتوب. ]
[ Jn:10:36 ]-[ فالذي قدسه الآب وارسله الى العالم أتقولون له انك تجدف لاني قلت اني ابن الله. ]

لا شك عزيزي القارىء أن معنى هذه المحاورة أن اليهود فهموا خطأ من قول المسيح : (( أنا والآب واحد )) إنه يدعي الالوهية فأرادوا لذلك أن ينتقموا منه ، ويرجموه ، فرد عليهم المسيح خطأهم ، وسوء فهمهم بأن هذه العبارة لا تستدعي ألوهيته ، لآن ( آساف ) قديماً أطلق على القضاة أنهم آلهه ، بقوله الثابت في المزمور الثاني والثمانين الفقرة السادسة [82 : 6 ] :

[ Ps:82:6 ]-[ انا قلت انكم آلهة وبنو العلي كلكم. ]
[ Ps:82:7 ]-[ لكن مثل الناس تموتون وكاحد الرؤساء تسقطون. ]

ولم يفهم أحد من هذه العبارة تأليه هؤلاء القضاة ، ولكن المعنى المسوغ لإطلاق لفظ آلهه عليهم أنهم أعطوا سلطاناً أن يأمروا ويتحكموا ويقضوا باسم الله . وبموجب هذا المنطق السهل الذي شرحه المسيح لليهود ، ساغ للمسيح أن يعبر عن نفسه بمثل ما عبر به آساف عن أولئك القضاة الذين صارت إليهم كلمة الله . ولايقتضي كل من التعبرين أن في المسيح ، أو أن في القضاة لاهوتاً حسبما فهمه اليهود خطأ . هذا ولو لم يكن ما ضربه المسيح لهم من التمثيل جواباً قاطعاً لما تخيلوه من إرادة ظاهر اللفظ ، لكان ذلك مغالطة منه وغشاً في المعتقدات المفضي الجهل بها إلي سخط الله ، وهذا لا يليق بالانبياء المرسلين الهادين إلي الحق .
فإن كان المسيح هو رب العالمين الذي يجب أن يعبد ، وقد صرفهم عن اعتقاد ذلك بضربه لهم المثل ، فيكون قد أمرهم بعبادة غيره ، وصرفهم عن عبادته ، والتقدير أنه هو الاله الذي يعبد ، فيكون ذلك غشاً وضلالة من المسيح لهم وهذا لا يليق بالانبياء والمرسلين فضلاً ممن يدعى فيه الالوهية .

هذا وقد أطلق الكتاب المقدس لفظ الله على كثيرين ولم يقل أحد أن فيهم طبيعة لا هوتية طبقاً لللآتـــي :

ورد في سفر القضاة [ 13 : 21 ، 22 ] اطلاق لفظ الله على الملك : يقول النص

[ Jgs:13:21 ]-[ ولم يعد ملاك الرب يتراءى لمنوح وامرأته.حينئذ عرف منوح انه ملاك الرب. ]
[ Jgs:13:22 ]-[ فقال منوح لامرأته نموت موتا لاننا قد رأينا الله. ]

وواضح أن الذي تراءى لمنوح وامراته كان الملك

ورد في سفر الخروج [ 22 : 8 ] اطلاق لفظ الله على القاضي : يقول النص :

[ Ex:22:8 ]-[ وان لم يوجد السارق يقدم صاحب البيت الى الله ليحكم هل لم يمدّ يده الى ملك صاحبه. ]

فقوله : إلى الله ، أي : إلى القاضي

وكذلك أيضاً جاء في سفر الخروج [ 22 : 9 ] اطلاق لفظ الله على القاضي : يقول النص

[ Ex:22:9 ]-[ في كل دعوى جناية من جهة ثور او حمار او شاة او ثوب او مفقود ما يقال ان هذا هو تقدم الى الله دعواهما.فالذي يحكم الله بذنبه يعوّض صاحبه باثنين. ]

فقوله إلى الله ، أي : إلى القاضي نائب الله .

كما اطلق الكتاب المقدس لفظ إله على القاضي فقد ورد في المزمور [ 82 : 1 ] :

[ Ps:82:1 ]-[ مزمور لآساف.الله قائم في مجمع الله.في وسط الآلهة يقضي. ]

وأطلق الكتاب المقدس لفظ الآلهه على الأشراف فقد ورد في المزمور [ 138 : 1 ] قول داود عليه السلام :

[ Ps:138:1 ]-[ لداود.احمدك من كل قلبي.قدام الآلهة ارنم لك. ]

وأطلقه على الانبياء كموسى في سفر الخروج [7 : 1 ] :

[ Ex:7:1 ]-[ فقال الرب لموسى انظر.انا جعلتك الها لفرعون.وهرون اخوك يكون نبيّك. ]

والخلاصــة :

لو كان إطلاق كلمة الله أو إله على المخلوق يقتضي أن اللاهوت حل فيه للزم بناء على النصوص السابقة أن يكون الملك والقاضي والاشراف يكونون آلهه ، وهذا لم يقل به أحد . ولكن بالنظر لكون الملائكة والقضاة نواباً عن الله أطلق عليهم كلمة الله وبالنظر إلي أن أولئك الأشراف فيهم صفة المجد والقوة اللتين يوصف بهما الله ، أطلق عليهم لفظ الله مجازاً . وبعد كل ما قد ذكرناه نقول ان الواجب فهمه من قول المسيح : (( أنا و الآب واحد )) إنما يريد أن قبولكم لأمري هو قبولكم لأمر الله ، كما يقول رسول الرجل : أنا ومن أرسلني واحد ، ويقول الوكيل : أنا ومن وكلني واحد ، لأنه يقوم فيما يؤديه مقامه ، ويؤدي عنه ما أرسله به ويتكلم بحجته، ويطالب له بحقوقه وكذلك قول المسيح : (( من رآني فقد رأى الآب )) يريد بذلك أن من رأى هذه الأفعال التي أظهرها فقد رأى أفعال أبي وهذا ما يقتضيه السياق الذي جائت به هذه الفقرات لأن أسفار العهد الجديد اتفقت على عدم إمكان رؤية الله طبقاً للآتي :

ورد في إنجيل يوحنا [ 1 : 18 ] :

[ Jn:1:18 ]-[ الله لم يره احد قط.الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر ]

ما ورد في إنجيل يوحنا [ 5 : 37 ] :

[ Jn:5:37 ]-[ والآب نفسه الذي ارسلني يشهد لي.لم تسمعوا صوته قط ولا ابصرتم هيئته. ]

ما ورد في رسالة يوحنا الأولى [ 4 : 12 ] :

[ Jn1:4:12 ]-[ الله لم ينظره احد قط.ان احب بعضنا بعضا فالله يثبت فينا ومحبته قد تكملت فينا. ]

ويقول بولس في رسالته الاولى إلي تيموثاوس [ 6 : 16 ] عن الله :

[ Tm1:6:16 ]-[ الذي وحده له عدم الموت ساكنا في نور لا يدنى منه الذي لم يره احد من الناس ولا يقدر ان يراه الذي له الكرامة والقدرة الابدية.آمين ]

فإذا تقرر ذلك فليس معنى قول المسيح (( الذي رآني فقد رأى الآب )) ان الذي يرى المسيح يرى الله لأن ذلك طبقاً للأدلة السابقة من المحال .فلا بد من المصير إلى مجاز منطقي يقبله العقل و تساعد عليه النصوص الإنجيلية المماثلة الأخرى. و بمراجعة بسيطة للأناجيل نجد أن مثل هذا التعبير جاء مرات عديدة ، دون أن يقصد به قطعا أي تطابق و عينية حقيقية بين المفعولين .

مثلاً في إنجيل لوقا [10/16] يقول المسيح لتلاميذه السبعين الذين أرسلهم اثنين اثنين إلى البلاد للتبشير:

[ Lk:10:16 ]-[ الذي يسمع منكم يسمع مني.والذي يرذلكم يرذلني.والذي يرذلني يرذل الذي ارسلني ]

لا يوجد حتى أحمق فضلا عن عاقل يستدل بقوله : (( من يسمعكم يسمعني )) ، على أن المسيح حالٌّ بالتلاميذ أو أنهم المسيح ذاته !

و كذلك جاء في إنجيل متى [10/40] أن المسيح قال لتلاميذه :

[ Mt:10:40 ]-[ من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي ارسلني. ]

و مثله ما جاء في إنجيل لوقا [9 / 48] من قول المسيح في حق الولد الصغير :

[ Lk:9:48 ]-[ وقال لهم.من قبل هذا الولد باسمي يقبلني.ومن قبلني يقبل الذي ارسلني.لان الاصغر فيكم جميعا هو يكون عظيما ]

و وجه هذا المجاز واضح و هو أن شخصا ما إذا أرسل رسولا أو مبعوثا أو ممثلا عن نفسه فكل ما يُـعَامَلُ به هذا الرسول يعتبر في الحقيقة معاملة للشخص المرسِـل أيضا. وإذا عدنا للعبارة وللنص الذي جاءت فيه ، سنرى أن الكلام كان عن المكان الذي سيذهب إليه المسيح و أنه ذاهب إلى ربه، ثم سؤال توما عن الطريق إلى الله، فأجابه المسيح أنه هو الطريق، أي أن حياته و أفعاله و أقواله و تعاليمه هي طريق السير و الوصول إلى الله ، وهذا لا شك فيه فكل قوم يكون نبيهم ورسولهم طريقا لهم لله ، ثم يطلب فيليبس من المسيح أن يريه الله، فيقول له متعجبا: كل هذه المدة أنا معكم و ما زلت تريد رؤية الله، و معلوم أن الله تعالى ليس جسما حتى يرى ، فمن رأى المسيح و معجزاته و أخلاقه و تعاليمه التي تجلى فيها الله تبارك و تعالى أعظم تجل، فكأنه رأى الله فالرؤيا رؤيا معنوية .

و جاء نحو هذا المجاز أيضا ، في القرآن الكريم ، كثيراً كقوله تعالى : (( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى )) الأنفال : 17 أو قوله سبحانه : (( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ )) الفتح : 10 أو قوله : (( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ )) النساء : 80 .

ولقد ورد في رسالة بولس إلي أهل غلاطية [ 3 : 28 ] قوله :

[ Gal:3:28 ]-[ ليس يهودي ولا يوناني.ليس عبد ولا حر.ليس ذكر وانثى لانكم جميعا واحد في المسيح يسوع. ]

ونحن نسأل هل يعني هذا القول أن أهالي غلاطية متحدون في الجوهر والقوة وسائر الصفات ، أو أنهم متحدون في الايمان بالمسيح وفي شرف متابعته وهذا هو الاقرب للفهم والعقل .

لقد ورد بإنجيل يوحنا [ 17 : 11 ] القول المنسوب للمسيح في صلاته لتلاميذه :

[ Jn:17:11 ]-[ ولست انا بعد في العالم واما هؤلاء فهم في العالم وانا آتي اليك.ايها الآب القدوس احفظهم في اسمك الذين اعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن. ]

فهل يفهم أن هذا الاتحاد بين التلاميذ هو اتحاد في الجوهر والذات وسائر الصفات ؟

لاشك ان هذا الفهم محال إذا لا بد أن يكون المقصود أن يكونوا جميعاً واحداً في حب الخير وان تكون غايتهم ورغباتهم واحدة نظير الاتحاد الذي بين المسيح وبين الله في إرادة الخير والمحبة للمؤمنين وهذا ما يفيده قول المسيح الوارد في إنجيل يوحنا الاصحاح السابع عشر الفقرة الثانية والعشرين :

[ Jn:17:22 ]-[ وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحد كما اننا نحن واحد. ]



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق